کد مطلب:306618 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:181

عدد الزنوج


لقد اختلف المؤرخون فی تقدیر عدد الزنوج الذین استوردتهم امریكا.. فمنهم من یقول انها استوردت فی القرن السادس عشر أقل من ملیون، و فی القرن التالی ثلاثة ملایین، و بلغت التجارة أوجها فی القرن الثامن عشر فبلغ عدد الرقیق زهاء سبعة ملایین، و استمرت التجارة مزدهرة حتی اواخر القرن التاسع عشر.

.. و هل انتهی الاستعباد، و ملك الاسود حریته الكاملة كلا و الی یومنا هذا.

.. فنجد جماعات من البیض راحت تقاوم حركة تحریر الرقیق بكل عنف و بكل الوسائل، بما فیها القتل و الحرق والتدمیر.. فكانت هذه فترة حالكة فی


تاریخ أمریكا بما جری فیها من صراع عنیف بین البیض والسود، و كانت جماعة كلوكلوكس كلان احد مظاهر هذا الصراع الدامی.

كانت هذه الجماعات التی تغطی رؤوسها و وجوهها باقنعة بیضاء، و تخرج فی اللیل جماعات علی ظهور الخیل، فتغیر علی القری و تحرق البیوت و المحاصیل..

و تقتحم اكواخ الزنوج و تهوی علیها ضرباً و تعذیباً..

و تخطف احیاناً شاباً أو رجلا سمعوا انه یتحدث صراحة عن الحریة و عن مستقبل الزنوج، و یعذبونه بطریقتهم البشعة..

فیعقدون له محاكمة صوریة تقضی باعدامه..

فیصلبونه علی جذع شجرة و ینهالون علیه بالسیاط حتی یموت!

و قد حدث مرارا ان تجمع آلاف من البیض یشاهدون عملیة قتل الزنجی بهذه الطریقة و هم یصیحون فرحا..

بل حدث فی احدی المرات ان ظلوا یضربون الزنجی حتی تمزق جسمه اربا اربا..

ثم اسرعوا یتخاطفون قطع العظام للذكری و التاریخ [1] .

.. و كیف ینتهی هذا الظلم و دینهم یبیح التمییز العنصری واستعباد السود للبیض. اجل- استفاد الاوربیون من شریعتهم فی التمییز العنصری من الدین المسیحی التی یمثلها القساوسة، الذین جعلوا الرق والاستعباد.

.. و الانقیاد من الزنوج السود الی الاوربیین البیض طاعة للرب و كلما بالغ الزنجی


فی خدمته للابیض كلما كان قریباً لخالقه اكثر [2] .

و تمضی مأسات هذه القصة كما تمضی ملایین قصص الزنوج فی امیركا،


و ینجب جورج (ابن كیزی بنت كینتا) عدداً من الاولاد والبنات.. و صارت احدی البنات جدة.. و كان الیكس هیلی یجلس علی حجرها و هی تحك له قصة جدها الافریقی الذی اسمه «كینتا».. و قد جاء من قریة جوفیور القریبة من نهر «كامبی بولونجو» فی افریقیا.. و كان ابوه یسمی «أمورو» أی عمر.. و كان والد عمر یمسی (تیرابا كونتا كینتا) الذی صلی للَّه تعالی خمسة أیام ولیالی متتالیة، فهطل المطر وارتوت الارض.. و ذهب الولد الی الغابة یوما فانقض علیه اربعة رجال.

و شب الیكس هیلی فعاد مسلما مثل اجداده المسلمین. و مضی یبحث القصة من أولها.. و عاد بعد اثنتی عشرة سنة.. و اخرج كتاب «جذور» [3] لیروی فیه قصة الجذور التی نبت منها خسمة و عشرون ملیون من الزنوج فی امریكا.

- هذا ما اختصرناه من كتابی المفصّل

والحمد للَّه رب العالمین

قاسم سید البغدادی

9/ 1/ 2002 م


[1] قصة الرق والرقيق في امريكا ص 222.

[2] و كان بعض القسس يذهب الي اكثر من هذا.. فيحرمون علي العبيد تعلم القراءة حتي لا يقرأوا الانجيل.. لانهم لو قرأوه لما أمكن السيطرة عليهم والتحكم فيهم بعد هذا!

و فيما كتب عن تاريخ الرق في أمريكا نماذج من بعض المواعظ الكنسية التي كانت معدة خصيصاً للزنوج، منها ان عدم طاعة السيد، و عدم طاعة ربه البيت، هو عصيان صريح للَّه لان اللَّه قد «كلفهما» بان يكونوا اسيادا عليكم، فاذا خالفتم أسيادكم أو أغضبتموهم، خالفتم اللَّه واغضبتموه.. واللَّه ينتظر منكم ان تعاملوهم مثلما تعاملون اللَّه.

و كان علي القسيس الذي يعلمهم المسيحية أن يؤكد علي طاعة العبد لسيده، و علي امانة العبد حتي لو كان جائعاً.. فان العبد اذا كان مطيعاً، و كان أميناً، فان له أن يتطلع الي يوم سعيد سيكون فيه رفيقاً للملائكة، منعما في أمجاد السماء.

و كان هناك كتاب أو كتيب طبع في سنة 1693 يتضمن القواعد التي يجب ان يسير عليها الوعاظ في الكنائس المخصصة للزنوج، والنقط التي يجب ان تدور عليها المواعظ الموجهة الي هؤلاء الزنوج.. و لم يكن السود يصلون مع البيض في كنيسة واحدة، بل اقيمت لهم كنائسهم المتواضعة، و كان الزنجي لا يجرؤ علي ان يقترب من باب كنيسة مخصصة للبيض!

و قد يبدو عجيبا ان يصدق مسيحي يؤمن بدينه و يدرك مبادئ اللَّه سبحانه و تعالي فرض هذا الوضع المهين، الشائن، علي جنس من البشر لمجرد ان جلده اسود، و شعره متجعد، و شفتيه غليظتان مثلاً!

ولكن الفكرة الشائعة بين عامة الاوربيين في ذلك العصر ان «الوجود» هو هيكل مكن من عدة طبقات، فالملائكة هم أعلي الطبقات، والحيوانات هم ادني الطبقات، والبشر (اي من كانت بشرتهم بيضاء) هم دون الملائكة.. أما السود فهم دون البشر، و فوق الحيوانات، و لكنهم علي اتصال ببعض الحيوانات!

و قد صادف ان جاء الاتصال بين الاوربيين و الافريقيين علي نطاق واسع في نفس الوقت الذي اكتشف فيه علماء اوربا «المشبانزي» الذي يشبه الانسان و يقلده في حركاته و موطن هذا الشمبانزي هو غابات في افريقيا.. فارتبطت صورة الافريقي في اذهان عامة بهذا النوع المتقدم من القرود!

و مما يدل علي ان هذه الفكرة كانت شائعة، كانت مقبولة، ان عبدا فر من سيده في ولاية كارولينا سنة 1734، فنشر سيده اعلانا يصف فيه هذا العبد بأنه «يشبه البابون القوي- أحد انواع القرود الضخمة- و انه تعلم السير واقفا علي ساقيه الخلفيتين».

[3] جذور قصة الزنوج في أمريكا للكاتب الاميركي اليكس هيلي ص 25.